کد مطلب:163875 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:248

التوجه الجزئی للرسالات عائق للتفاعل الحیاتی مع القرآن
لو اننا زعمنا بأن الانبیاء إنما أرسلوا الی قوم أنكروا الله انكاراً تاماً، وبصورة علنیة كالذین قالوا ان الله غیر موجود، مثل نمرود، لو قلنا هذا الكلام لفصلنا جزءاً كبیراً من القرآن الحكیم عن التفاعل فی حیاتنا، لماذا؟

لان الناس فی الارض عادة علی مرّ التاریخ خصوصاً-الآن-لا ینكرون الله انكاراً تاماً وصریحاً واذا سألتهم من ربكم؟ قالوا الله فاطر السماوات والارض، وحتی المشركین فی مكة المكرمةكانوا یطوفون حول البیت، ویرددون هذه الكلمة، [لبیك اللهم لبیك، لبیك لا شریك لك لبیك، لبیك لا شریك لك إلا شریك هو لك لبیك]، یعنی لا شریك لك إلا شریك واحد، وهذه الكلمة كان یرددها المشركون حول الكعبة كثیرا، وهم كانوا یؤمنون بالله ولا ینكرون وجوده.

ان الشرك یعنی عبادة الاصنام أیضاً، هذا شرك یمكن تفسیره تفسیراً معیناً، إذ أن هؤلاء الذین كانوا یعبدون الاصنام كانوا یقولون لا نعبدهم إلا لتقربنا الی الله زلفی، ومن ثم اتخذوا الاصنام وسیلة، وأحد شعراء الصوفیة یقول فی شعره الفارسی: المشكلة بین فرعون وموسی لم تكن مشكلة توحیدیة، إنما مشكلة من نوع آخر، موسی كان یقول لفرعون، لماذا أنت فقط الا له؟ لكل أناس آلهة فالشمس إله، والقمر إله، والارض إله.

المشكلة الحضاریة للعالم..

المشكلة الحیققیة التی لا تزال موجودة فی العالم هی مشكلة الانحرافات السلوكیة، والانحرافات الحضاریة، أی انحراف الانسان عن القیادات الصحیحة والرسالیة، هذه المشكلة التی لا تقبل الحل، أما مشكلة أن تقول للناس قولوا لا إله إلا الله، فالناس یقولوا ألف مرة، والصلاة یصلونها فی وقتها، وكذلك الصوم یصومون، وسائر ما علیهم من العبادات یؤدونها، فماذا ترید؟

ان هذا لیس فیه أدنی اشكال، أنما الاشكال الذی نحن فیه والمشاكل التی نحن فیها، هی من نوع آخر، من نوع انحراف الانسان النفسی بالاضافة الی الامراض الاجتماعیة، والامراض الاقتصادیة، والامراض السیاسیة الموجودة عند البشریة، ولو قلنا بأن الانبیاء لم یأتوا لمعالجة هذه الامراض، فان ذلك یعنی فصل القرآن عن المجتمع، وقد لا یكون الانفصال تاماً، وإنما یمارس البعض منا تلاوة القرآن الغیر واعیة مع اعتقاده الراسخ بأن هذه الآیات لا تخصه، لان النبی الذی جاء لیس من أجل هذه الامراض التی نعانیها، وإنما جاء من أجل مرض آخر لا نعانی منه شیئاً، ربما كان هذا الهدف الوهمی ضیق من حدود القرآن الكریم، وحجم آفاق رسالة الانبیاء فی بؤرة صغیرة وهی مقاومة الشرك العلنی أو الكفر الصریح، وكما قلنا ان هذا الهدف بعید عن روح القرآن، بل هو صریح فی آیات البعد عن آیات القرآن التی تأتی لتبین بأن الانبیاء یذهبون لاداء رسالتهم وهم یركزون علی سلوكیات معینة فی المجتمع وعلی انحرافات خاصة.. أنظروا فی سورة یونس، وسورة الانبیاء، وسور الشعراء والقصص والروم والعنكبوت، هذه السور القرآنیة توضح كیف ان رسالة الانبیاء، كانت موجهة لانحرافات معینة، بعضها اقتصادیة، وبعضها اجتماعیة، والاخری خلقیة، فلماذا رفض قوم لوط رسالة الله التی جاءتهم علی ید لوط؟

القرآن بجیب:

لانهم كانوا منحرفون خلقیاً، ولان لوط علیه الصلاة والسلام كانت رسالته موجهة بصورة مباشرة ومركزة ضد هذا الانحراف، لذلك لم یقبلوه، ورفضوه، وبالتالی عذبهم الله. ومن أجل سائر الانحرافات الاجتماعیة جاءت رسالات السماء.